فى محطات العمر تقف أمامنا بعض الصور...يتحرك كل شئ حولنا وهى ثابتة...
تتغير كل الأماكن وهى في مكانها...تتعدد الوجوه وتمتلئ العيون بالبشر ..
ولكن هذه الصور تبقى محفورة في أعماقنا...
في زحام الحياة ..وفي الزمن الغريب الذي نعيش فيه يصبح من الصعب على الإنسان
أحيانا أن تحتفظ ذاكرته بوجوه كثيرة...
ولأنها وجوه بلا ملامح فإنها تتبخر مثل ضباب الصيف ولا يبقى منها في مخيلتنا أي شئ.
ولقد كان وجهك من الوجوه التي ظلت في خيالي وبقيت في عيني ولم تبرح صورتها أيامي.
ظل وجهك ثابتا رغم أن الحياة حولي دارت آلاف المرات قابلت ناسا...وعرفت ناسا
وخدعت من كثيرين...
ولكن وجهك ظل مرسوما على حائط أيامي لم يزاحمه يوما وجه آخر..
وكثيرا ما كنت أنتظرك..أعلم أن لقاءنا يدخل في دائرة المستحيل وأن ما بيننا من مسافات
أكبر بكثير من قدرتنا على تجاوز عجزنا..وأدرك انك بعيد..وأنني أبعد من بعيد...
وقد تمتد الأيام بيننا وتطول..ولكننا رغم هذا ننتظر...
ننتظر يوما تتوحد فيه قلوبنا رغم المسافات التي فرقتنا...
ننتظر حلما ينبت في صحراء ليالينا..قد لا يصبح حقيقة ..
.ولكن يكفى أن نشعر معه أننا وجود واحد لاينشطر...وكيان لا ينقسم ..وأننا أكبر من كل
قيود زماننا...
أنتظرك في سؤال يتجاوز صمت أيامي ويقتحم وحدتي ويشعرني أننا معا..رغم أن كل شئ
بيننا لا يتجاوز حدود الأمل...
وأسأل نفسي : لماذا تجسدت كل هذه المشاعر داخلنا؟...
ولماذا أنتظرك وحدك دون كل الناس...وأراك وحولي آلاف الوجوه؟
هل هو حب...أم توحد...أم حنين لأيام مضت...أم رغبة في استعادة عقارب الزمن واسترجاع
ماضي العمر؟...
لم تعد أشياء كثيرة تربط بيننا..افترقنا..وابتعدنا..وأصبح اللقاء أقرب للمعجزة...
واستحالت أحلامنا,ووضعتنا الظروف في أصعب المواقف وأقساها...
ورغم كل هذا مازلنا معا...اشعر أنني أفتقد أيامك وأنسى لياليك وصفاء قلبك وطيبة نفسك...
لماذا أذكرك دائما؟..
وإذا ذكرتك جاءني صوتك من بعيد كأننا على موعد أن نلتقي رغم أنف الظروف.
وتمضي الأيام بنا وترحل سنوات العمر,ومازال لقاؤنا أجمل المحطات التي نتمنى لو حملنا إليها
قطار العمر يوما.
تذكرتك الآن,وأنا كثيرا ما اذكر رغم أن صوتك غاب عني زمانا طويلا...وحينما تسلل في صمت
أيامي شعرت بإحساس غريب..رأيتك أمامي كما رأيتك ذات يوم في أول لقاء,وطافت في رأسي
كل ذكريات العمر الجميلة التي عشناها معا بعدا وقربا...حلما وانكسارا...
وكنت في كل هذه الحالات أراك كما أنت لم يتغير فيك أي شئ..
قيم في أعماقي ...حبيب إلي قلبي...وإن كان العمر قد تسرب من أيدينا,فإن ذكرياتنا قد بقيت لتتحدى
سنوات العمر..وتقف في وجه الزمن لتؤكد أن الناس ليسوا بأعدادهم ..
ولكن بعض الناس غير قابل للتكرار.
لا أنكر أنني أذكرك كثيرا ولكن صوتك الذي جاءني من بعيد جعلني أتأكد أن..
أجمل مافي الحب الذكرى...
وأجمل مافي الود التواصل...
وأن الموت الحقيقي هو موت الإحساس..
وأن الزمن قد يأخذ كل شئ إلا مشاعرنا تبقي في أعماقنا ذلك السر الدفين الذي نعود إليه كلما
عصفت بنا الأيام وعاندنا الزمن.
أحياناً يغرقنا الحزن حتى نعتاد عليه .. وننسى
أن في الحياة أشياء كثيرة يمكن أن تسعدنا
وأن حولنا وجوهاً كثيرة يمكن أن تضيء
في ظلام أيامنا شمعة .. فابحث عن قلب يمنحك الضوء
ولا تترك نفسك رهينة لأحزان الليالي المظلمة
تقبلوا تحياتي.